فيصل علوي : باتذكروني ولكن بعد لاجدوى لذكري !!!

كتب: فؤاد باضاوي

;يداعب أوتار عوده كأنما يداعب أحساسك ويعزف على أوتار أشجانك ووجدانك ويشكل كيانك ، ويرسم لوحة إبداع في سماء المشتاق والعشاق ، صاغ الحانا حاكت نجوم الليل وخففت فينا الجروح وعاشت معانا كل سنين العمر ومابقي لنا من حياة ( فيصل سعد علوي ) إبن لحج الخضيرة وبستان الحسيني وأنغام الكومندان ، كل الموروث الغنائي اللحجي خبره وعاش معاه كل سنين عمره منذ الصباء الى يوم الرحيل اليوم العصيب الذي عاشته لحج وأهلها والحزن الكبير الذي عم كل شارع وبستان وبيت ، فرحيله مثل نهاية حب لفارس الغناء اللحجي وإنتهاء المدرسة الفيصلية التي عشعشت في القلوب والوجدان وماظهر بعدها كان تقليد ليس إلا يندرج في بوتقة هذا الفنان الداهية والملهم اللحجي لكل موروثات هذه الأرض الطيبة وناسها الطيبين ، ولم يكتفي إبن لحج بالموروث الغنائي اللحجي بل غزاه الى الألوان الغنائية الصنعانية والحضرمية واليافعية وكان فارسا عرف كيف يغوص في بحرها ويتسلق جبالها ويخرج الجميل منها ساعده في ذلك إجادته وتمكنه عزفا وغناءا .. لم يكن الإيقاع الراقص هو طريقه بل تسلق طرقا أخرى في الغناء والطرب فكانت ألحانه الطربية ماركة خاصة به كاملة الدسم تشبعت بالإشتياق والأشواق والحنين والأنين فعانقت أرواح العشاق فرحا وترحا وترحالا وطافت في سماء العشاق ولهفتهم وأشبعت قلوبا ونفوسا ، وقد نلتقي بكرة وقد لانلتقي ، اللقاء المشبوب هاذي ساعته والهوى المتعوب واجب طاعته .. غناه وعزفه تكاملا وأنتج موهبة لحجية بديعة ممتعة تمرست مع الأيام وقدم أبو باسل ذرر وروائع عاشت وستظل تنكش القلوب والأشجان وتحرك الوجدان وتخاوي ليلنا المظلم وتؤنس وحشتنا لسماع الأصالة والطرب الجميل وأنت ملكه الذي تربع على عرشه ومازالت حتى بعد رحيلك لم ترحل إبداعاتك الا الى أشواقنا وأفئدتنا لتعيش معنا مابقي لنا من العمر وستعيش مع أجيالنا وتعايشها طويلا .. خصوصية وجمال فيصلي صبغته على أغنياتك فبات صوتك يرن في الآذان بنغم خاص وتفرد لحجي لايملكه الاأنت أباباسل .. غادرتنا في نصيف الليل والعالم رقود . غادرتنا في لحظات كانت لحج محتاجه لك ومشتاق فنها لك ولعزفك المنفرد والوطن كله في حاجة إليك وأنت من عشت وعايشت حروبه وسلمه ولك منا السلام والوئام وحلو الكلام والدعاء والصبر لأسرتك الكريمة المكلومة التي مافتأت تنهض من حزنها حتى تعمقت أحزانها وخيم السواد على كل الديار برحيل أبنك وخليفتك الفتى الرائع ( علوي فيصل ) رحمه الله .. تركت أنت وعلوي فينا فراغا كبيرا وخلفت حزنا جما وآلام كثيرة لم ينطفي لهيبها حتى بعد مرور كل تلك السنين وكيف لنا أن ننساك وأنت من علمنا فن العوم في بحور العشق والطرب و تذوق عزف العود الفيصلاوي الرائع .. ستعيش في وجداننا مابقيت فينا حياة وسنستمع لماخلفت من موروث وميراث فني جميل وسنقول لمن لم يحضر أيام زمان كان للفن فيصل وفاصل لحجي جميل أسمه ( فيصل علوي ) وكان وكان ولم يلد بعد من يحل مطرحه ويجدد سطوته .. وإن وجدنا صوتا فلن نجد عزفا يظاهيك ويقترب من عشقك للعود .. دمال في القلب ماشي عاد بايشفى،. جرحت قلبي وجيت اليوم باتشفيه . من بعد مالجرح دامي جيت باتوفى . ياجارح القلب بعد اليوم لاتوفيه ... إستقبلناه ذات يوم في مطار الريان الدولي في حضرموت برفقة إبنائه والإيقاعي ( فضل ميزر ) وكنت برفقة العزيز ( وسيم النهدي ) وإذا به ماسك عوده ويجر قدماه من شدة المرض فأسعفناه الى مستشفى حضرموت وقيل لنا يومها إن السكر لدي فيصل مرتفع كثيرا وأعطاء لنا الدواء وضربه إبرة وقال مطلوب راحته وفي الفندق حيث أوصلناه سأل إبنه عن عوده فقال وسيم في السيارة فقال لوسيم هاته الى غرفة الوالد فأنه أول مايفيق سيسأل عنه ، فتركناه وأتيت في الصباح الباكر في اليوم الثاني وإذا به صحى من نومه على التو فقلت له الحمدلله على السلامة فقال : أين عودي فقلت له في الداخل فجلبه وجلسنا ندردش قليلا حتى حان وقت الفطور ، وذهبنا في نزهة في أسواق الفضة أنا وأبوباسل وسط حفاوة المعجبين وفي المساء كانت سهرة الزواج في الكبس بحي السلام وكانت الأجواء رياح وأمطار وغبار ورغم ذلك كنت لاتجد مكان لقدم من كثرة الحضور وغناء فيصل وإبنه علوي في تلك الأجواء المزعجة المرعبة وفي صباح اليوم الثاني طلبه المحافظ الراحل ( عبد القادر هلال ) ليغني في موسم البلدة الذي صادف وجوده في المكلا وكان فيصل علوي يعاني المرض ووجه يكسوه الورم فأبلغه الأستاد ( علي باقي ) رغبة المحافظ وإتفقا على الحفل وأبلغته أنا طلب المحافظ له للغذاء في بيت المحافظ .. وفي المساء إكتض مسرح البلدة في شارع الستين بالجمهور وكان فيصل يعاني المرض فأبلغت علوي الذي قال لي ماعليك أول مايطلع الوالد المسرح سيزول المرض فأطلعناه لأنه لايقوى على المشي وأجلسناه على الكرسي وبدأ يداعب العود عزفا فحرك الحضور وإذا هو منتشيا مرحا فقلت ياسبحان الله .. فغادرنا في اليوم الثاني الى دولة الأردن للعلاج ويومها كتبت عنه مقالا في صحيفة الأيام " فيصل علوي بين الإبداع والمعاناة " وفي اليوم الثاني لنشره هاتفني من الأردن شاكرا لي على المقال الذي أوصل صوته للقيادة فأرسلوا له مبلغا من المال يعينه في علاجه .