عربي دولي
الرياض وباريس تتّفقان على مواجهة الخطر الإيراني وضرورة الرد في سوريا
أعلن الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون، أمس، أنه اتفق مع ولي العهد السعودي الأمير محمد بن سلمان على ضرورة الحد من محاولات إيران بسط نفوذها في الشرق الأوسط، وإذ أقر ماكرون خلال مؤتمر صحافي مع ابن سلمان بخلافات في وجهات النظر مع الرياض حول الاتفاق النووي الإيراني الموقع عام 2015، إلا أنه أعلن أنهما متفقان على ضرورة «الحد من أنشطة إيران البالستية ونزعتها التوسعية في المنطقة».
وأكد الأمير محمد بن سلمان، خلال المؤتمر الصحافي مع ماكرون في قصر الإليزيه، أن المملكة العربية السعودية، لم تستغل حتى الآن سوى 10% فقط من إمكانياتها، موضحاً أن الشراكة السعودية الفرنسية مهمة للغاية خاصة في هذا الوقت، مؤكداً أن هدف المملكة هو أن تكون منطقة محورية بين آسيا وإفريقيا وأوروبا وفق رؤية 2030.
وأضاف: هناك مشاريع هدامة في الشرق الأوسط، أبرزها الخطر الإيراني الذي ينطلق من أيديولوجية توسعية، وإيران تدعم الإرهاب عبر تمويل ميليشيات حزب الله والحوثيين ورعاية قادة تنظيمات مثل «القاعدة»، مشيراً إلى أن طهران لم تستثمر الأموال لازدهار الشعب، وإنما لنشر الأيديولوجيا.
وتابع يقول: السعودية لم تستغل سوى 10% من إمكانياتها. من جانبه، قال الرئيس الفرنسي: نؤيد ما قاله الأمير محمد بن سلمان فيما يتعلق بإيران، والاتفاق النووي مع إيران غير كامل. وتابع ماكرون: إذا خرجنا من إطار الاتفاق النووي إيران ستستمر في العمل لتطوير قنبلة نووية، ويجب ربط الاتفاق النووي مع إيران بمرحلة ما بعد عام 2025 ومعالجة مسألة البرنامج الصاروخي الإيراني.
وأكد ماكرون: لا نريد تدخلاً إيرانياً في الانتخابات التي ستجري في العراق. وأضاف: نشترك مع السعودية في ضرورة التصدي لتوسع إيران في المنطقة.
وقال: لدينا رغبة مشتركة مع السعودية في دعم لبنان. وأضاف: نحتاج إلى ركائز دولية لمكافحة الإرهاب وقطع مصادر تمويله. وأضاف الرئيس الفرنسي: قبلت دعوة نقلها ولي العهد السعودي من الملك سلمان لزيارة السعودية. مع السعودية وقال ماكرون: لن نسمح بأي نشاط باليستي في اليمن يهدّد أمن السعودية واستقرارها وسلامة شعبها. وأضاف:نقف مع السعودية ونتبادل المعلومات لمواجهة خطر الصواريخ الحوثية. وأكد أنه اتفق مع الأمير محمد بن سلمان على عقد مؤتمر إنساني في باريس الصيف المقبل بشأن اليمن، مبيناً أن موقف فرنسا تجاه الأزمة اليمنية واضح، وتدين باستمرار الهجمات الصاروخية التي يقوم بها الحوثيون.
وعن سوريا، أكد ماكرون أن بلاده ستعلن «خلال الأيام المقبلة» ردّها على الهجوم الكيميائي المفترض في سوريا، وفي حال قررت شن ضربات عسكرية فسوف تستهدف «القدرات الكيميائية» للنظام من غير أن تطال «حليفيه» الروسي والإيراني. وقال: خلال الأيام المقبلة، سنعلن قراراتنا (...) والقرارات التي قد نتخذها لن تهدف في أي من الأحوال إلى ضرب حلفاء النظام أو مهاجمة أي كان، بل ستستهدف القدرات الكيميائية التي يملكها النظام، مؤكداً أن فرنسا «لا ترغب في أي تصعيد».
وأكد محمد بن سلمان أن المملكة ستشارك في الرد إذا استدعى الأمر ذلك.وقال ماكرون أن الاتفاقيات التي تم توقيعها مع المملكة العربية السعودية، شملت جوانب التعليم والثقافة، وتابع قائلاً: لدينا زعيم شاب وبذل الكثير من أجل النساء السعوديات، وأمضى أكثر من 5% في فرنسا، وندعمه في إنجاح مشروعه الإصلاحي. وقال: نريد شراكة مستدامة مع السعودية عبر تنسيق استراتيجي.
عشاء ثلاثي
وتناول ماكرون العشاء مع الأمير محمد بن سلمان ورئيس الوزراء اللبناني سعد الحريري أمس. وقال ماكرون، خلال مؤتمر الصحفي مع ولي العهد السعودي، إن مأدبة العشاء تهدف إلى تعزيز الجهود الرامية لبسط الاستقرار في لبنان. وكان الحريري نشر صباحاً صورة على «تويتر» له وللأمير محمد والعاهل المغربي الملك محمد السادس، وهم يبتسمون بعد عشاء في مطعم في باريس. وكتب الحريري يقول: «لا تعليق».
اتفاقات
وشهد ولي العهد السعودي والرئيس الفرنسي توقيع اتفاقيتين حكوميتين بين السعودية وفرنسا، ما يرفع عدد الاتفاقيات المشتركة بين البلدين خلال زيارة ولي العهد السعودي إلى 38 اتفاقية بين القطاعين العام والخاص، بقيمة إجمالية تفوق 20 مليار دولار. وكانت شركة أرامكو السعودية العملاقة للنفط أعلنت، في وقت سابق أمس، إبرام صفقات مع شركات فرنسية كبرى، من بينها توتال وتكنيب وسويز.
وقالت أرامكو السعودية وتوتال إنهما وقعتا مذكرة تفاهم لبناء مجمع كبير للبتروكيماويات في الجبيل. كما جرى التوقيع على صفقة محركات طائرات بين مجموعة سافران الفرنسية وطيران ناس السعودية.
الجبير: الاتفاق النووي قاصر ويجب إصلاحه
اعتبر وزير الخارجية السعودي عادل الجبير، أمس، أنه ليس واضحاً إن كانت المحادثات بين الأوروبيين والأميركيين ستكفي لإصلاح عيوب الاتفاق النووي مع إيران، مضيفاً أنه ينبغي لطهران أن تكف عن «رؤية الظلام».
وأمهل ترامب الدول الأوروبية الموقّعة على الاتفاق النووي حتى 12 مايو لإصلاح «العيوب المروعة» في الاتفاق، وإلا فسيرفض تمديد تعليق العقوبات الأميركية على إيران. وفي تصريحات للصحفيين عقب محادثات في باريس، قال الجبير إنه يعتقد أن فرنسا وبريطانيا وألمانيا تتفق على أنه ينبغي التصدي لبرنامج إيران للصواريخ الباليستية وأنشطتها الإقليمية، لكنها (الدول الثلاث) تختلف مع الولايات المتحدة والسعودية بشأن الحاجة إلى تعديل الاتفاق.
وقال الوزير السعودي: «الاتفاق منقوص ويحتاج إلى تحسين. أعتقد أن موقفهم (الأوروبيون) هو أنه إذا كان لديك اتفاق فلا ينبغي أن تعيد فتحه. يوجد بعض الحديث (بينهم) بشأن الخيارات المتاحة لتحسين الاتفاق دون إلغائه».
وأجرت واشنطن محادثات مع القوى الأوروبية بهذا الصدد في مارس. وقال كبير المفاوضين الأميركيين، عقب هذه المحادثات، إن الولايات المتحدة تجهز خطط طوارئ تحسباً لفشل الطرفين في التوصل إلى اتفاق. وقال مسؤولون أوروبيون إن المشاورات المقبلة ستجرى في واشنطن اليوم الأربعاء.
وقال دبلوماسيان إن الأمل ضعيف في إمكانية إنقاذ الاتفاق النووي في النهاية.
ورأى الجبير أن كبح الأنشطة الإيرانية الإقليمية قد لا ينتظر بعد الآن، وأن ترامب أوضح أن «عدم وجود اتفاق أفضل من وجود اتفاق سيئ».
وقال الوزير السعودي: «توجد رؤيتان في الشرق الأوسط، رؤية ضوء حيث ترغب في إصلاح بلدك... ثم توجد رؤية ظلام لاستخدام الطائفية وتصدير ثورتك ودعم الإرهاب... وهذا هو النموذج الإيراني». ورحبت الولايات المتحدة بتوجه بعض دول الاتحاد الأوروبي إلى فرض عقوبات جديدة على إيران، وحذرت الشركات التي تفكر في العمل مع إيران من أنها قد تموّل بذلك جماعات متشددة وتزعزع استقرار المنطقة. وفي مستهل جولة تشمل الأطراف الأوروبية الموقّعة على الاتفاق، قالت سيجال ماندلكر، وكيلة وزارة الخزانة الأميركية لشؤون الإرهاب والمخابرات المالية في لندن، إن العقوبات جزء مهم من جهد شامل لمواجهة «النشاط الخبيث» الذي تمارسه إيران في المنطقة.