تقرير : راكيتيتش.. كلمة السر في وسط كرواتيا
المعاناة التي مرّ بها النجم الكرواتي إيفان راكيتيتش، قبل يوم واحد من مباراة نصف النهائي أمام إنجلترا في نهائيات كأس العالم 2018 لكرة القدم، تلخّص العقلية التي يتمتّع بها اللاعب، وهذه العقلية قد تلعب دورا حاسما في إحراز المنتخب الكرواتي اللقب العالمي للمرّة الأولى في تاريخ هذا البلد الصغير. ليلة الثلاثاء، ارتفعت حرارة راكيتيتش، لدرجة جعلت أعضاء الجهاز الفني للمنتخب الكرواتي يفكّرون في حلول بديلة لغيابه، لكن لاعب برشلونة، رفض إلّا أن يشارك في المباراة التي امتدت لأكثر من 120 دقيقة، وهو الذي قال بعد في تصريحات صحفية بعد انتهاء المباراة: "لا مجال لذلك، سألعب بساق واحدة لو تطلّب الأمر ذلك". المباراة النهائية أمام فرنسا، ستحمل الرقم 71 لراكيتيتش طوال الموسم الحالي، ولا يوجد لاعب في الموسم وصل إلى هذا الرقم، حيث شارك في 55 مباراة مع فريقه برشلونة، إضافة إلى 15 مباراة مع منتخب بلاده، ومشاركته في النهائي، ستجعله على بعد مباراة واحدة من دخول نادي المائة على الصعيد الدولي (99 مباراة). قبل بداية الموسم الحالي، كان يتوقّع على نطاق واسع، أن يفقد راكيتيتش مكانه في فريقه برشلونة الذي حصل الصيف الماضي على خدمات البرازيلي باولينيو مقابل 40 مليون جنيه إسترليني، كما أن المدرب لويس إنريكي الذي يعتبر عاشقا لأسلوب لعب راكيتيتش، غادر الفريق، واستلم إرنستو فالفيردي مكانه كمدرّب للفريق الكتالوني. لكن المدرب الجديد، غيّر من طريقة لعب الفريق بعد رحيل البرازيلي نيمار دا سيلفا، إلى 4-4-2، الأمر الذي ساهم في احتفاظ راكيتيتش بمكانه في التشكيل الأساسي، والأهم منذ ذلك، أن المدرب اقتنع بدور اللاعب الكرواتي المهم، نظرا لتنوّع قدراته في وسط الملعب، فتارة يساند أندريس إنييستا في صناعة الألعاب، وتارة أخرى يساعد سيرجيو بوسكيتس في حماية الخط الخلفي. في كأس العالم، اختلف دور راكيتيتش على المستطيل الأخضر، في السابق اعتاد على مساعدة صديقه لوكا مودريتش في صناعة الألعاب، إضافة إلى التقدّم نحو منطقة الجزاء من أجل هز الشباك، أمّا في روسيا، فقد عمد المدرب زلاتكو داليتش على جعله لاعب الارتكاز الأساسي في الملعب، وهو ما ترتّب عليه تحريك مودريتش لكي يلعب وراء المثلث الهجومي المكّون من أنتي ريبيتش وإيفان بيريسيتش وماريو ماندزوكيتش. تألّق مودريتش في مركزه الهجومي الجديد، وتركّزت عليه الأضواء بشكل كبير، وبات المرشّح الأوّل حاليا لكسر احتكار البرتغالي كريستيانو رونالدو والأرجنتيني ليونيل ميسي لجائزة الكرة الذهبية في السنوات العشر الأخيرة، لكن هذا لا ينتقص إطلاقا من دور راكيتيتش الذي عاش طوال البطولة في ظل زميله، ولن نبالغ إذا قلنا أن لاعب برشلونة بات منافسا رئيسيا لمودريتش على جائزة أفضل لاعبي المونديال الروسي. سجّل راكيتيتش هدفا واحدا مقابل هدفين لمودريتش، لكن تفاهمّه مع الأخير هو ما ساعد كرواتيا على المضي قدما في النهائيات، وهو ما اعترف به المدرب داليتش قائلا إنّ اللاعبين الاثنين رغم أنهما يلعبان في الغريمين التقليديين برشلونة وريال مدريد، ولكنهما "الجسد نفسه والروح نفسها في كرواتيا"، وبقي أمام الاثنين حاجزا فرنسيا أخيرا قبل تحقيق حلم 4 ملايين كرواتي، وربّما تكون الكلمة الأخيرة لراكيتيتش، كما كانت في مباراتي الدنمارك وروسيا في الدورين ثمن النهائي وربع النهائي، عندما أحرز الركلة الترجيحية التي أمّنت الفوز لبلاده في المباراتين.