حضرموت.. فساد على يد أبناءها
إن كل مايحدث مِن عَبَث في حضرموت هذه الفترة هو بأيادٍ حضرمية. حيث يتم إستغلال أوضاع ضعف وجود الدولة، والتلاعب بمقدرات الشعب، دون حسيب أو رقيب. فمثلاً إذا نظرنا إلى رئيس الوزراء فهو من حضرموت، وإذا دققنا في وزير النفط و وزير الكهرباء وقيادات الدولة فهم حضارمة أيضاً. وإذا تَوَجهنا إلى الداخل في حضرموت سنجد ان جميع السلطات وكل مايُدار هو عبر أيادٍ حضرمية.. فحتى المحروقات يوفرها تجار حضارم، ومحطات الكهرباء تدار من قبل حضارم. وكبار البنوك والصرافات يمتلكها حضارم، بل ان مراكزها الرئيسية في حضرموت!.
وإذا تحدثنا عن العَبَث بمخططات الدولة ونهب الأراضي وإستلام الرشاوي في حضرموت، فحدث ولا حرج، سنجد من يقوم بذلك هم حضارمة. ومن يَستلم إيرادات حضرموت هم كذلك. فحتى التلاعب بالمحروقات وإنهيار المنظومة الكهربائية بشكل غريب، تتم بواسطة حضارم، والتي أصبحت تتكرر كل يوم طوال العام.
فـ لَم نجد ضالعي ولا عدني ولا مهري ولا جني يعبث من داخل حضرموت. فتشوا عن السّر الحقيقي والعبث من أين ينبع؟!.. هناك بَذخ بشكل مُريب لم تشهد له حضرموت من قبل، إقتناهُ أفراد كانوا مجرد حُثالات المجتمع في هذه المحافظة وكوّنوا لهم ثروات طائلة في الداخل والخارج. هناك موارد يتم نهبها أمام مرأى الجميع دون أن يُحرك أحد ساكناً.
لقد مرت حضرموت خلال العقد الأخير بفرص، لم تتحقق لها من قبل، حيث إمتلكت إيرادات ضخمة بعد إنهيار الدولة بسبب إنقلاب صنعاء والشمال على الشرعية، وسيطرة الحوثي وأعوانه على الحُكم. كان من الأحرى أن تقوم حضرموت بسواعدها وثرواتها وتبني لها بُنَى تحتية عملاقة في مجال الخدمات وتغتنم تلك الفرصة التي سنحت لها منذ 2016م. ولكن بسبب الفساد الذي إستشرى من قبل بعض المسؤولين الحضارمة، الذين خَدَموا جماعاتهم وجيوبهم، ولم يقوموا بالتخطيط السليم لخدمة المواطنين وحضرموت، مما جعل المحافظة تعاني اليوم ويلات العذاب.
لن يُصَدق إنسان واعي ان محافظة تمتلك ثروات هائلة وعدد سكان قليل ومساحة أرض واسعة جداً ويحكمها أهلها، تعاني الأمرين. اننا نعلم بأن هناك حضارم كثيرون من ذوو المناصب العليا يعلمون عن سبب الإنهيار ويعلمون عن الكيفية للخروج بالعلاج المناسب من هذه الأزمة، ولكن للأسف يتكتمون بسبب تبادل مصالحهم والفساد الذي فاق الخيال.
قد تتحجج بعض القيادات الحضرمية ان هناك أجندات وأوامر عُليا أو خارجية تأتيهم، ليتم تنفيذها في الداخل.. ولكن حجتهم هذه تسقط عندما يقومون بخيانة حضرموت وينفذون تلك الأجندات دون النظر لمعاناة مواطنيهم ومصلحة أهاليهم أولاً. ولذلك تفشل كل الأعذار والتكهنات وتنعكس ضدهم.
لقد شَوّه هؤلاء الفاسدين من الحضارم صورة حضرموت وشعبها المتحضر والمسالم، وجعلوها مَطيّة أمام الحكومات المُتعاقبة، ورسموا صورة معاكسة عن تاريخ حضرموت والحضارمة في الداخل والخارج، في لحظات فارقة تغيّرت فيها معادن الرجال وضاعت الضمائر وإنعدمت المبادئ.
لن تنهض حضرموت إطلاقاً حتى تتوحد الأيادي وتتعافى المحافظة من فسادها ومفسديها من الحضارمة أنفسهم، ويكونوا أقوياء ومخلصين في حُب حضرموت، والحفاظ على خدمات مواطنيهم وديمغرافيتهم وجغرافيتهم، وإلا ستظل تلك الدوامات تعصف بها على مدى السنين القادمات، وسيكون المواطن الحضرمي ضحية تلك المصالح والتجاذبات.