هدف الحسم في آخر ثواني المباراة..

(عدن الحدث) إبراهيم باشغيوان :

كانت الثواني الأخيرة تمضي ببطء، والمكان يختنق بالصمت والترقب، وكنا نرى جزءًا واحدًا من الصورة في حين أن للصورة دائما أجزاء أخرى لا نراها ..!! فكانت كلمات وصوت أحدهم يعلو من على الخط الجانبي بكل هدوء وإيمانٍ لا يتزحزح: "لم تنتهي المباراة بعد... وليست هذه النهاية."

جلست أتبادل الحديث معه بنصف ابتسامة، وفي لحظة تعجب..! ، لأكثر من نصف ساعة ، حديثٌ قصير فتح أبوابًا من الذكريات والتجارب، التي حملت في طيّاتها مسيرة شخص.. آمن أن النجاح لا يُقاس بالوقت، بل بالقدرة على صناعة الفارق في اللحظة التي يظن فيها الجميع أن الوقت قد انتهى.
تنقّل بين الملاعب والمدرجات بخطواتٍ واثقة، وجمع في رصيده ما يعجز كثيرون عن بلوغه في سنواتٍ طويلة.
خاض عشرات الدورات التدريبية داخل اليمن وخارجها، منها دورة في تدريب الناشئين بعمان بتنظيم من الاتحاد الدولي عام ١٩٨٩، وفي نفس العام أخذ دورة أخرى بكندا في يوليو ١٩٨٩، ليذهب بعدها بسنوات إلى البرازيل ويأخذ دوره مهمه في ١٩٩٠، كما أخذ دورة المدربين العرب في سوريا عام ١٩٩٦، ثم في ماليزيا عام ١٩٩٩، وحصل بعدها على رخصة C.B.A من الاتحاد الآسيوي. وعلى هامش تحليل كأس العالم للناشئين عام ٢٠١٤ أخذ كذلك دورة متقدمة... لا شك أن هذه الدورات كانت قد سبقتها الكثير من الدورات المحلية بإشراف الاتحاد الدولي والاتحاد اليمني.

ولم تقتصر مسيرته على الدراسة النظرية فحسب، بل ترجَم علمه إلى عملٍ وإنجاز، عبر إشرافه الفني على عددٍ من الأندية الرياضية التي قادها وحقق معها نتائج مشرفة ، من أبرز إنجازاته الفوز بدوري كأس الرئيس مع شعب إب ١٩٩٠، ومع اتحاد إب في ١٩٩٨، وبطولة الدوري وكأس السوبر مع شعب إب ٢٠١٢، والمركز الثالث مع أهلي صنعاء ٢٠٢١، كما وصل شعب إب إلى دور الثمانية في بطولة كأس العرب بعد الفوز على النجمة اللبناني على أرضه، بالإضافة إلى إشرافه على أندية ٢٢ مايو، العروبة، الرشيد بتعز، شعب حضرموت، سيئون، ذمار، نجم سبأ، تضامن شبوة .

شارك أيضًا في قيادة منتخبات محلية وخارجية، حاملاً معه فكرًا تدريبيًا متجددًا، ونظرة احترافية توازن بين الانضباط والإنسانية ، كان مساعد مدرب منتخب الشباب ٢٠٠٠ بالطائف، ومساعد مدرب المنتخب الأول ٢٠٠١ في تصفيات كأس العالم ٢٠٠٢، ثم مدرب المنتخب الأول ٢٠٠٣ لتصفيات آسيا بجدة ، كما عمل مساعدًا للمنتخب الأول في ٢٠٠٦ و٢٠١٩ و٢٠٢١،و وكل إليه تدريب المنتخب الأول بعد وفاة الكابتن سامي النعاش، وكانت آخر مباراة له أمام موريتانيا.

لا شك أن رحلته كانت مليئة بالمحطات، لكن أكثر ما يميّزها هو الهدوء الذي يسبق الهدف، والثقة التي يمنحها للآخرين دائماً ،فهو لا يرفع صوته كثيرًا، لكنه يترك أثره في كل من عمل معه، مؤمنًا بأن التفاصيل الصغيرة تصنع الانتصارات الكبيرة، وأن العمل بصمتٍ هو أجمل أشكال الاحتراف.

وفي نهاية اللقاء، سألته عن سرّ اختياره لعنوان قصته ولقائي به، فابتسم وقال: "لأن الحياة مثل المباراة، لا تنتهي حتى يُسجَّل هدف الحسم."

اخذت من حديثه هذه العباره وعليها  ودّعته... مدرب عرف كيف يجعل من كل تجربة فرصة، ومن كل نهاية بداية جديدة ، وما بين الصافرة الأولى والأخيرة، ظل يؤمن بأن النجاح الحقيقي هو أن تترك بصمة، ولو في آخر ثواني المباراة بين أروقة الحياة التي نعيشها.

شكرًا ألف شكر إلى الأستاذ إبراهيم أبوبكر الهدار، رئيس نادي اتحاد حضرموت، الذي جمعني بالكابتن القدير أحمد علي قاسم المدير الفني لنادي اتحاد حضرموت في آخر لحظة... ليكون هذا اللقاء بمثابة هدف الحسم في آخر ثواني المباراة قبل أن يغادر مدينة سيئون .