الجنوب والوحدة.. وهم ام واقع

(عدن الحدث) حافظ الشجيفي :

يطرح سؤال محوري حول طبيعة الوضع السياسي في اليمن، خاصة في ظل وجود حكومة الشرعية في عدن. هل يشير وجود الشرعية في عدن الى استمرار الوحدة بين الشمال والجنوب؟ ام ان ذلك يمثل واقعاً مختلفاً تماماً؟

الحقيقة ان الجمهورية اليمنية التي نتجت عن دمج دولتي الشمال والجنوب مع بعضهما في العام 1990 قد انتهى وجودها فعلياً. ولم يبقى من تلك الجمهورية سوى الجنوب فقط، بينما الشمال الذي كان يعرف بالجمهورية العربية اليمنية، يخضع لسيطرة الحوثيين. وبالتالي، فإن حكومة الشرعية التي تقيم في عدن تخت حماية المجلس الانتقالي الجنوبي لا تمثل الجمهورية العربية اليمنية ، ووجودها في عدن لا يعني بالضرورة استمرار الوحدة، بل يشير الى حالة مغايرة تماما.

ولتوضيح هذه الصورة لننظر الى مثال الحكومة الفلسطينية التي أقامت في تونس لسنوات طويلة قبل واثناء محادثات اوسلو. حيث لم يعني ذلك ابداً ان فلسطين قد انضمت الى تونس، ولم يعني ان الحكومة الفلسطينية تحكم تونس. بل كان ذلك مجرد مقر مؤقت للحكومة الفلسطينية في المنفى. وبالمثل، يمكن اعتبار وجود حكومة الشرعية في عدن مجرد وضع انتقالي، لا يعكس بالضرورة استمرار الوحدة اليمنية.

وفي الواقع، يمكن اعتبار كل من الشمال والجنوب كيانين مستقلين، وان لم يعلن استقلالهما رسمياً بعد. فالشمال، تحت سيطرة الحوثيين، يشكل كيانا سياسياً وعسكرياً مستقلاً بذاته والجنوب الذي تشترك حكومة الشرعية والمجلس الانتقالي في حكمه، يمثل كيان مستقل آخر. في حين ان حكومة الشرعية في عدن لا تمارس اي سلطة على الشمال، كما ان الحوثيين لا يمارسون اي سلطة على الجنوب.

وبناء على ذلك، يمكن القول ان الواقع الحالي يظهر وجود دولتين مستقلتين في اليمن، وان لم يتم اعلانهما رسمياً. ووجود حكومة الشرعية في عدن لا يعني اكثر من كونها حكومة تعمل داخل حدود الجنوب، وتشارك في إدارة شؤونه فقط ، لكنها لا تمثل وحدة غير موجودة على ارض الواقع. فالوحدة وهم يحافظ عليه البعض، بينما الواقع يشير الى خلاف ذلك.