صحيفة دولية : عمان تتحرك لمنع تفجر الأوضاع في اليمن

 
تتحرك سلطنة عمان لمنع تفجر الأوضاع في اليمن على ضوء الامتعاض الحوثي من حالة “اللاسلم واللاحرب” التي يشهدها البلد، وسط مخاوف من انهيار الهدنة غير المعلنة منذ انتهاء الهدنة الأممية في أكتوبر الماضي.
وقالت مصادر سياسية مطلعة لـ”العرب” إن وصول وفد عماني إلى صنعاء برفقة وفد التفاوض الحوثي الأربعاء جاء نتيجة وصول المفاوضات غير المعلنة بين التحالف العربي والحكومة اليمنية المعترف بها دوليا من جهة والحوثيين من جهة أخرى إلى طريق مسدود.
وأكدت المصادر ذاتها أن برنامج زيارة الوفد العماني الذي يضم ضباطا يتبعون المكتب السلطاني، سيتضمن لقاء زعيم الجماعة الحوثية عبدالملك الحوثي وعدد من قياداتها البارزة مثل رئيس المجلس السياسي الأعلى مهدي المشاط.
وأشارت هذه المصادر إلى أن التصلب الحوثي وإصرار الميليشيات المدعومة من إيران على مطالبها، التي وصفها وسطاء دوليون بالتعجيزية، يهدّدان بانهيار الهدنة الهشة التي انتهت رسميا في مطلع أكتوبر الماضي، ولم تنجح الجهود الأممية والدولية في تمديدها، بعد طرح الجماعة الحوثية حزمة جديدة من المطالب من بينها تقاسم إيرادات النفط والغاز في مناطق سيطرة الحكومة الشرعية وصرف رواتب مقاتلي الجماعة.
وصعّد الحوثيون تهديداتهم في الأيام الماضية على وقع التعثر في المفاوضات ورفض مطالب الجماعة التي توصف بـ”المجحفة”، في محاولة للضغط على الإقليم والعالم وفقا لمراقبين أكدوا أن صمود وقف إطلاق النار يأتي نتيجة التزام التحالف العربي والحكومة الشرعية بأقصى درجات ضبط النفس.
وتناوب مسؤولون سياسيون وعسكريون حوثيون في الأيام القليلة الماضية على إطلاق تهديدات تتعلق باستعداد الجماعة لاستئناف عملياتها العسكرية ضد المصالح الاقتصادية لدول التحالف العربي وتعطيل ممر الملاحة الدولي في البحر الأحمر واستهداف إمدادات الطاقة العالمية، بالتوازي مع دعوات أطلقها مسؤولون إيرانيون رفيعون لاستئناف العلاقات الدبلوماسية مع السعودية التي تقود التحالف العربي لدعم الشرعية، الأمر الذي اعتبره خبراء جزءا من صفقة إقليمية تسعى طهران لعقدها من خلال استخدام ورقة الضغط الحوثية.
وحول ما إذا كانت زيارة الوفد العماني إلى صنعاء مؤشرا على انفراجة في المفاوضات التي تشهدها مسقط اعتبر ماجد المذحجي، المدير التنفيذي لمركز صنعاء للدراسات الإستراتيجية، أن الزيارة ليست إفصاحا عن فاعلية المباحثات بقدر ما هي إفصاح عن تعقد وضع المفاوضات.
وأضاف “نلاحظ أن انتهاء بطولة كأس العالم لكرة القدم كان مؤشرا على انتهاء الكوابح الإقليمية لمعاودة الصراع في اليمن بالطريقة التي كانت تسبقه، نحن نشهد هدنة غير معلنة منذ انتهاء الهدنة الفعلية، وهذه الهدنة غير المعلنة كانت مدعومة بإرادة إقليمية ودولية لتمرير حدث عالمي هو بطولة كأس العالم لكرة القدم وكان الإيرانيون ملتزمين بالتزام الحوثيين خدمة لدولة قطر التي كانت تريد نجاح المونديال، وبانتهاء هذه الفعالية بدأت جولة أخرى من التوتر في اليمن، حيث كان التصريح التالي لمهدي المشاط يقول بأن حالة اللاحرب واللاسلم لن تستمر، وأعتقد أن هذه محاولة لتدارك الوضع ونحن في كل الأحوال نشهد أسابيع حاسمة ما لم يحدث اختراق مفاجئ وهو ما لا أتوقعه، فنحن سنشهد عودة التصعيد في اليمن على الأرجح”.
وفي تعليق على الحوار الذي تشهده العاصمة العمانية مسقط حول الملف اليمني، أشار الباحث السياسي محمود الطاهر إلى أن المجتمع الدولي يكثف تحركاته لإنهاء الأزمة اليمنية، عبر سلطنة عمان الضامن للميليشيات الحوثية في نظر العالم، من أجل تسهيل أي مباحثات أو مشاورات قادمة بين اليمن والحوثي.
وحول طبيعة الزيارة الجديدة التي يقوم بها وفد عماني إلى صنعاء، لفت الطاهر في تصريح لـ”العرب” إلى “أن الوفد العماني يحمل إلى الحوثيين ملفات شائكة، منها ما يخص الهدنة الأممية في اليمن وبنودها، لاسيما تلك التي يتعنت فيها الحوثي وبالخصوص فتح الطرق وتسليم الرواتب”.
وعن توقعاته لنتائج مفاوضات مسقط في ضوء الزيارة العمانية إلى صنعاء تابع “لا أعتقد أن قرار السلم والحرب مرتبط بهذه المباحثات وإنما هو مرتبط بالاستجابة الدولية للدعوات اليمنية المنادية بمحاربة الإرهاب، ودرء الضرر الذي يهدد الملاحة الدولية وموانئ النفط اليمنية التي تتعرض لهجمات إرهابية، تسببت في تأخير دفع الدولة رواتب الموظفين لهذا الشهر”.
ويقلل مراقبون يمنيون من احتمالات نجاح الوساطة التي تقودها مسقط لتمديد الهدنة اليمنية رسميا وفتح المسار السياسي المغلق في جدار الأزمة اليمنية بالنظر إلى الخلفيات الدولية والإقليمية التي تعتري الملف اليمني، وإصرار الحوثيين على انتزاع تنازلات مذلة من الحكومة اليمنية المعترف بها دوليا لا تلبي الحد الأدنى من مطالب الشرعية اليمنية التي ظلت تقدم التنازلات من طرف واحد خلال الفترة الماضية.
وفي تصريح لـ”العرب” قال الباحث السياسي اليمني سعيد بكران إن “عمان تتحرك لاحتواء الموقف قبل تفجر الحرب مجددا، والتي يهدد بها الحوثيون ويبدون امتعاضهم من حالة اللاحرب واللاسلم”، لافتا إلى عدم وجود مؤشرات إيجابية في اتجاه عملية سلام شامل ونهائي.
وأضاف “كل المؤشرات تقول إن هذه التحركات هي تفاعلات تسعى لاستمرار حالة الهدوء الهشة التي سادت الفترة الماضية”.
وعن فرص نجاح التحركات العمانية الأخيرة في إنقاذ الهدنة ومنع تجدد العنف، تابع بكران “سيعتمد ذلك على معطيات كثيرة استجدت أثناء فترة الهدنة وما بعدها، ومنها حالة الحصار الاقتصادي التي يفرضها الحوثيون على حكومة المجلس الرئاسي بمنعها من تصدير النفط وحرمانها من عائداته الأساسية لتسيير شؤونها في مناطق سيطرتها”.