تهميش المؤسسة الأمنية التونسية يسهل الهجمات الإرهابية

تونس – حمل مراقبون ونشطاء على مواقع التواصل الطبقة السياسية مسؤولية عملية التفجير التي أودت بحياة 12 ضابطا من الحرس الرئاسي وغيرها من العمليات الإرهابية التي استهدفت مواقع سياحية، بسبب تهميش المؤسسة الأمنية وجعل قرارها مرهونا بالتجاذبات السياسية.
ولا يكاد يخلو برنامج حواري في الفضائيات التونسية من دعوات إلى وقف تدخل المؤسسة الأمنية في الشأن العام بزعم التضييق على الحريات والرغبة في العودة إلى عهد ما قبل احتجاجات 2011.
وهو ما يفسر تعطيل تنفيذ قانون الإرهاب الذي يعطي هامشا كبيرا للتصرف أمام الأمنيين للتدخل في مواجهة موجة التفجيرات والاعتداءات التي تطال عناصر أمنية ومواطنين ومواقع رسمية أو تابعة لمؤسسات خاصة.
وبعد الإطاحة بالرئيس السابق زين العابدين بن علي، نجح الأمنيون التونسيون في تكوين نقابات للدفاع عن مصالحهم في مواجهة رغبة واسعة لدى الطبقة السياسية في الانتقام منهم بزعم دعمهم للنظام السباق، وقوبل هذا الدور بهجمة شرسة على الأمنيين الذين استمروا في حماية الأمن رغم حالة الفوضى التي عاشتها تونس خاصة في فترة حكم حركة النهضة الإسلامية، ومحاولة اختراق المؤسسة الأمنية وفرض قيادات إخوانية أو موالية للنهضة لإدارتها.
وقال عماد بالحاج خليفة المتحدث باسم اتحاد نقابات قوات الأمن إن “الهجمة الإرهابية تعد ردة فعل على النجاحات الأمنية التي تحققت طيلة الفترة الأخيرة”، مؤكدا أن الأمنيين “باقون على الميدان وأن هذه الهجمة لن تثنيهم عن أداء واجبهم”.
ودعا عماد بالحاج خليفة جميع الأطراف التي شككت في المؤسسة الأمنية إلى الكف عن المزايدة على الأمنيين وتشويههم في الإعلام.
وتتطابق تصريحات بالحاج خليفة مع تصريحات مماثلة أدلى بها خبراء أمنيون ومحللون أكدوا خلالها أن هجوم الثلاثاء “عملية انتقامية” ضد الأجهزة الأمنية عامة التي وجهت خلال الأشهر الأخيرة ضربات موجعة للجماعات الإرهابية وفككت العشرات من خلاياها وأحبطت العديد من مخططاتها.
وقال الخبراء إن دلالات التفجير الإرهابي، الذي وقع في قلب العاصمة التونسية، تتجاوز سياقات الراهن إلى مربع التهاون السابق، وذلك في إشارة واضحة إلى فترة حكم الترويكا بقيادة حركة النهضة التي كثيرا ما وُجهت إليها الاتهامات بالتساهل مع الإرهابيين، والتهاون في مواجهتهم.
وبحسب الخبير الأمني، علي الزمرديني العقيد السابق في الحرس التونسي (الدرك)، فإن هذا التفجير الإرهابي الذي وصفه بـ”الجبان”، كان متوقعا وهو يندرج في إطار عقيدة الإرهابيين التي تستهدف إرباك المجتمع وخلق الفوضى لتمرير أهدافهم.
وقال لـ”العرب” إن الإرهابيين بتنفيذ هكذا عمل لدفع البلاد نحو مربع الصراع المفتوح الذي قد يشل إمكانياتها، ما كان ليتم لو لا الأخطاء القاتلة التي تراكمت خلال السنوات القليلة الماضية نتيجة ممارسات استهدفت تهشيم مؤسسات الدولة.
وذهب العقيد علي الزمرديني إلى القول إن ما عرفته تونس خلال أعوام 2011 و2012 و2013 من هجمات ممنهجة على مؤسسات الدولة، وخاصة منها وزارة الداخلية التي تم إفراغها من خيرة كوادرها، وغيرها من الممارسات التي شلت عمل الأجهزة الأمنية، هي التي مهدت لانتشار الإرهاب في البلاد.
ويُشاطر هذا الرأي المحلل السياسي منذر ثابت، الذي قال لـ”العرب” إن تلك السنوات “تميزت بحملة مشبوهة استهدفت ضرب مناعة الدولة من خلال تهشيم أجهزتها الأمنية في سياق مُخطط بات يتعين الآن فتح ملفه”.
ولم يتردد في القول إن تونس اليوم “تدفع ثمن مخططات دولية، وسذاجة الطبقة السياسية، وبالتحديد منها بعض الأطراف والشخصيات التي انخرطت في تلك المخططات وارتهنت لأجندات أجنبية تستهدف سلامة الدولة وأمنها الوطني دون الانتباه إلى أن سلامة الدولة هي شرط أساسي وحيوي لبناء المشهد السياسي الجديد”.