سيئون قلب الجنوب الذي يخفق في ذكرى الاستقلال الـ58

(عدن الحدث) مريم بارحمة :

تتجه الأنظار هذا العام نحو مدينة سيئون في وادي حضرموت، التي تستعد لاحتضان حشد جنوبي استثنائي يوم الثلاثين من نوفمبر، سيكون الأكبر من نوعه في تأريخ الاحتفالات الجنوبية المعاصرة. ففي هذه اللحظة الوطنية المفصلية، تتهيأ سيئون لتتحول من مدينة حضرمية ذات عمق تاريخي وثقافي عريق، إلى ساحة وطنية جنوبية تجتمع فيها الإرادة الشعبية، وتتوحد الأعلام والقلوب في ذكرى الاستقلال المجيد، الذكرى الـ58 للثلاثين من نوفمبر.
وتكتسب هذه المناسبة أهمية مضاعفة هذا العام، لما تحمله من رسائل سياسية واضحة نحو الداخل والخارج، مفادها أن الجنوب حاضرٌ بقوة، وراسخ بوحدته، ومتمسك بهويته الوطنية دون تراجع.



-تحضيرات استثنائية لفعالية غير مسبوقة

تشهد سيئون منذ أسابيع حراكًا واسعًا واستعدادات مكثفة تهدف إلى إنجاح الفعالية الوطنية الكبرى، عبر تجهيز الساحات، واستكمال الترتيبات اللوجستية، واستنفار اللجان الرسمية والشعبية لتقديم نموذج مشرّف يليق بالجنوب وقضيته العادلة.
وقد عكست هذه التحضيرات مستوى رفيعًا من الجدية، وحرصًا واضحًا على إبراز الفعالية بصورة مشرفة تجسد روح الجنوب الموحد، وفق رؤية تهدف إلى جعل سيئون مركزًا وطنيًا حيًا في ذاكرة الجنوبيين جميعًا.



-دعوة لكل أبناء الجنوب

تتواصل الدعوات الشعبية والرسمية لأبناء حضرموت خاصة، وأبناء الجنوب عامة، للاحتشاد في سيئون يوم الثلاثين من نوفمبر، تأكيدًا على وحدة المصير الجنوبي وتجديدًا للعهد مع تضحيات الأجيال السابقة.
ويُنظر لهذا الاحتشاد باعتباره خطوة وطنية استراتيجية تُجسد حضور الشعب الجنوبي بمختلف أطيافه في لحظة تتطلب وضوح الموقف وقوة الصوت، خاصة في ظل الظروف السياسية التي تمر بها المنطقة.
 


-تكريمٌ سياسي ورسالة وطنية
يحمل اختيار الرئيس القائد عيدروس بن قاسم الزُبيدي لمحافظة حضرموت لتكون ساحة الفعالية المركزية معاني عميقة تتجاوز الاحتفال بذكرى وطنية. فهو تأكيد على مكانة حضرموت المحورية، واعتراف بدورها التاريخي في مسار الثورة الجنوبية منذ انطلاقتها وحتى اليوم.
كما أن هذا الاختيار يعكس رؤية قيادية تدرك أن حضرموت ليست مجرد محافظة كبيرة، بل عمق استراتيجي وثقل اجتماعي وثقافي وسياسي لا يمكن تجاوز دوره في أي مستقبل جنوبي قادم.



-رفع الوعي الجنوبي

تشير مختلف الأصوات الوطنية إلى ضرورة رفع الوعي الشعبي بأهمية ذكرى الثلاثين من نوفمبر باعتبارها حدثًا تاريخيًا أعاد للجنوب هويته وكرامته.
فالاحتفال في سيئون ليس مجرد لقاء جماهيري تقليدي، بل خطوة تهدف إلى توجيه الرأي العام نحو فهم الدور السياسي لهذه الذكرى، وفي تعزيز الوحدة الجنوبية، وتحصين المجتمع ضد أي محاولات تهدف إلى تمزيق الصف أو التشويش على مسار استعادة الدولة الجنوبية.




-الروح الوطنية وتوحيد الصف الجنوبي

تأتي فعالية سيئون الكبرى لتؤكد حاجة الجنوب في هذه المرحلة إلى تعزيز الروح الوطنية وتوحيد الصفوف في مواجهة التحديات المقبلة، سواء كانت سياسية، أو اقتصادية، أو أمنية.
فالتاريخ القريب يثبت أن الجنوب لا ينتصر إلا بوحدته، وأن المرحلة الراهنة تتطلب تماسكًا ووعيًا وإدراكًا للالتزامات الوطنية تجاه حضرموت والجنوب عمومًا، خصوصًا في ظل التحولات الإقليمية المتسارعة.



-جاهزية ومسؤولية وطنية
لقد أظهرت الهيئة التنفيذية المساعدة لشؤون مديريات وادي وصحراء حضرموت مستوى عاليًا من المسؤولية في التحضير لهذه الفعالية، من خلال اللجان التنظيمية، وبرامج الاستقبال، والتواصل مع الهيئات الشعبية، مما يجعل من الاحتفال هذا العام نموذجًا وطنيًا متقدمًا.
وتمثل هذه الجهود دلالة واضحة على استعداد حضرموت للعب دور وطني أكبر في المرحلة المقبلة.



-سيئون ذاكرة وطن

تُعد سيئون واحدة من أبرز المدن الحضرمية التي شكّلت على مدى قرون مركزًا للثقافة، والحضارة، والعلوم، والتراث.
ولذلك فإن اختيارها لاحتضان الفعالية يحمل معنى عميقًا، فهي مدينة تمتلك إرثًا حضاريًا ضاربًا في جذور التاريخ، وقصورها وأسواقها ومساجدها القديمة تروي حكاية وطن وتاريخ طويل من السكينة والسلام والتعايش.
وفي سيئون، يشعر الجنوبيون بأنهم أمام مدينة ليست للذكرى فقط، بل للهوية، والانتماء، والذاكرة، والعمق التاريخي الذي لا يمكن تجاوزه.



مدينة السلام والتراث

تتمتع سيئون بمكانة خاصة في الضمير الجنوبي، فهي مدينة للسلام والتاريخ، ولطالما كانت موطنًا للعلم والثقافة، وشاهدًا صامتًا على مراحل النضال الجنوبي المختلفة.
ويأتي الاحتفال فيها ليؤكد أنها مدينة ليست مجرد جغرافيا، بل رمز وطني، وركن ثابت في الهوية الجنوبية التي تتجدد عامًا بعد عام.



-30 نوفمبر محطة لتجديد الهوية والانتماء

إن ذكرى الثلاثين من نوفمبر ليست مجرد حدث تذكاري، بل محطة وطنية لتجديد الانتماء للجنوب أرضًا وإنسانًا.
وإحياء هذه المناسبة في سيئون يبعث برسالة واضحة مفادها أن الجنوب يعتز بتاريخه، ويحمي هويته، ويستعيد ذاكرته التاريخية بكامل إرادته ووعيه، متحدًا خلف مشروعه الوطني الجامع.


-منارة للوعي الوطني
وفي لحظة تتكامل فيها الذاكرة مع الحاضر، يكتب الجنوبيون في سيئون صفحة جديدة من تاريخهم الوطني في الذكرى الـ58 للاستقلال المجيد. فهذه المدينة التي حملت ذاكرة حضرموت عبر قرون، تتحول اليوم إلى منارة للوعي الوطني الجنوبي، وإلى صوت جنوبي واحد يصدح بأن الهوية لا تُباع، والوحدة لا تتجزأ، والإرادة لا تنكسر.
سيئون في 30 نوفمبر لن تكون مجرد مدينة تستقبل حشدًا جماهيريًا، بل ستغدو إعلانًا جديدًا لولادة روح جنوبية متجددة، قادرة على حماية مشروعها الوطني، والمضي بثبات نحو مستقبل يليق بتضحيات أبطالها، وتاريخها، وإرادة شعبها الحر.