الموساد نفّذ عملية خاصة لاستعادة ساعته من سوريا... من هو الجاسوس إيلي كوهين؟ ( تفاصيل مثيرة )
في الخامس من يوليو، أعلن جهاز الموساد الإسرائيلي استعادة ساعة إيلي كوهين الذي حوكم وأعدم في سوريا عام 1965، ما يُظهر أن قضية هذا الجاسوس الذي تعتبره الدولة العبرية بطلاً نجح في اختراق أعلى متسويات النظام السوري، لم تغب أبداً عن اهتمامها حتى بعد إعدامه. يُحكى أن إيلي كوهين نجح في تزويد إسرائيل بمعلومات مهمة، ساعدتها لاحقاً في احتلال مرتفعات الجولان السورية في حرب 1967، ولكن الأكيد أن هذا الجاسوس المولود في الإسكندرية لأسرة قدمت من حلب نجح بدرجة كبيرة في اختراق المجتمع السياسي السوري في ستينيات القرن العشرين تحت اسم مزيف هو "كامل أمين ثابت". ورغم أن الرواية الرسمية السورية تقلل من دوره، وتقول إن ما أرسله إلى إسرائيل كان في معظمه معلومات عامة، وإنه فشل في اختراق القيادات العسكرية والسياسية، إلا أن الأمر مختلف لدى الجانب الإسرائيلي الذي يُعِدّ كوهين "بطلاً قومياً قدّم لبلده الكثير". وتمثل اهتمام إسرائيل بكوهين في إصدارها طابعاً بريدياً تذكارياً حمل اسمه وصورته، كما يتردد بقوة أنها وقفت خلف إنتاج الفيلم الأمريكي "الجاسوس المستحيل"، عام 1987، والذي صُوّر داخل إسرائيل وتناول حكاية إيلي. ما أهمية الساعة لإسرائيل؟ من وجهة نظر إسرائيل، تعبّر عملية استعادة الساعة عن نجاح قوي لجهاز الموساد، بسبب دقتها الشديدة. واعتبر بيان لرئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتانياهو أن الأمر يستحق الاحتفال، إذ أشاد نتانياهو بالعملية، قائلاً: "أشيد بمقاتلي الموساد على العملية الشجاعة والحاسمة والتي كان هدفها الوحيد أن يعيدوا إلى إسرائيل تذكاراً من مقاتل عظيم أسهم بشكل كبير في أمن الدولة". وكانت إسرائيل قد حاولت جاهدة وقف حكم إعدام كوهين بعد اعتقاله في سوريا، عن طريق عدد كبير من السياسيين في العالم، منهم بابا الفاتيكان، ورئيس وزراء فرنسا وقتها جورج بومبيدو. وبعد إعدامه، ناشدت إسرائيل أكثر من مرة الدولة السورية لإعادة رفاته ومتعلقاته إليها، "لأسباب إنسانية"، لكن سوريا رفضت. أبرز تلك المطالبات كانت عام 2004، حين طالب الرئيس الإسرائيلي وقته، موشيه كاتساف الرئيس السوري بشار الأسد، من خلال وسطاء فرنسيين وألمان ومن الأمم المتحدة، بتسليم إسرائيل رفات كوهين، لكن الرئيس السوري رفض الامتثال للأمر. إذاً فالعملية من وجهة نظر إسرائيل ليست عملية بسيطة، بل هي نجاح في تنفيذ ما أرادته منذ سنوات طويلة، رغماً عن سوريا. حاولت البيانات الكثيرة التي خرجت سريعاً عن جهات عدة في إسرائيل، تصوير الأمر كـ"انتصار". فبحسب بيان للحكومة الإسرائيلية، نجح الموساد في إعادة ساعة "مقاتل الموساد الراحل إيلي كوهين"، من "دولة عدوة"، بعد "عملية خاصة". وأكد البيان أنه بعد إعادة الساعة إلى إسرائيل، جرت عمليات بحث واستخبارات، كانت نتيجتها التأكد "بدون شك بأن هذه هي فعلاً هي ساعة إيلي كوهين". وقال رئيس الموساد الإسرائيلي يوسي كوهين في الخامس من يوليو: "نجحنا في أن نحدد مكان الساعة التي كان إيلي كوهين يضعها في سوريا حتى يوم القبض عليه، وإعادتها إلى إسرائيل". وشرح في بيان أهمية الساعة بأنها "كانت تمثل جزءاً من صورة عملية إيلي كوهين وجزءاً من هويته العربية المزيفة". ومن المتوقع عرض الساعة في مقر الموساد، على أن يتم تقديمها بعد ذلك إلى عائلته. من هو إيلي كوهين؟ اسمه الحقيقي إلياهو، لكن تم اختصاره بعد ذلك وأصبح إيلي. ولد في 26 ديسمبر 1924 في الحي اليهودي بمدينة الإسكندرية شمال مصر، ووالده شاؤول كوهين، كان من المهاجرين الذين جاؤوا إلى مصر من مدينة حلب السورية. مصر هي التي كشفت شخصيته؟ هناك روايات عدة توضح كيف اكتشفت السلطات السورية حقيقة إيلي كوهين، أبرزها جاءت على لسان الصحافي المصري الشهير محمد حسنين هيكل الذي قال إن المخابرات المصرية هي التي كشفت حقيقته للمخابرات السورية، بعد أن وصلت إلى القاهرة مجموعة من الصور للفريق أمين الحافظ أثناء زيارته لبعض المواقع في الجبهة السورية. يقول هيكل إن مصر كلّفت أحد ضباط الاستطلاع بالتدقيق في الصور وتحديد جميع الأشخاص الظاهرين فيها، فعرف أحد ضباط هيئة الأمن القومي الذين يعملون في مجال مكافحة النشاط الصهيوني في مصر أن كامل أمين ثابت هو نفسه إيلي كوهين، فسافر أحد ضباط المخابرات العسكرية المصرية إلى دمشق حاملاً معه ملف كوهين وصوره. وفي دمشق، علم العميد أحمد سويداني بالقصة من الضابط المصري، فقام بدوره بوضع كوهين تحت المراقبة، واكتشف بالفعل هوائي جهاز الإرسال الذي يستعمله داخل بيته في دمشق لكي يرسل رسائله إلى قيادة الموساد. انتهت مغامرة كوهين في سوريا بالقبض عليه ثم صدور حكم بإعدامه شنقاً جرة تنفيذه في ساحة المرجة، في 18 مايو 1965. لماذا لم تعد إسرائيل رفاته بدلاً من ساعته؟ تظهر عدة روايات أن مكان دفن كوهين لم يعد معروفاً حتى للساطات السورية الحالية، فقد تم نقل جثته أكثر من مرة، ولم تستطع إسرائيل معرفة المكان، خصوصاً أن سوريا كانت تعلم أن الموساد يسعى للحصول على الجثة وإعادتها إلى إسرائيل. وتقول رواية أخرى إن كوهين دفن في منطقة المزة بدمشق، لكن مكان دفنه، تحوّل إلى مبان وشوارع وحدائق، ولا يستطيع أحد تحديد مكانه بشكل محدد أو الوصول إليه. وكانت إسرائيل قد طلبت من الرئيس الروسي فلاديمير بوتين، في مارس 2016، التدخل لدى الحكومة السورية لإعادة رفات كوهين.
المصدر / رصيف 22