المدينة السكنية للمهمشين بتعز| عنصرية وتهميش ونساء يحتجن إلى توعية وتثقيف

عدن الحدث| متابعات
تقع المدينة السكنية للمهمشين التي أنشئت من قبل البنك الدولي عام 2007م بمنطقة البعرارة في مديرية المظفر بمحافظة تعز، وتتكون المدينة من مئتين وأربعين وحدة سكنية، وأربع وحدات خدمية هي: مركز اجتماعي، وحدة صحية، دار العجزة، وصالة متعددة الأغراض.

وللمدينة السكنية إشكالياتها التي لا تنتهي، ابتداء من انفجار مواسير المياه والمجاري، مروراً بضعف مستوى الخدمات الصحية والتعليمية المقدمة للأهالي، وانتهاء بالتسول الذي تحول إلى ظاهرة عابرة للحدود، وأكثر من ذلك التمييز الذي مازال يلقي بتبعاته على سكان المدينة ويحتاج إلى حملات توعية وتثقيف ودمج اجتماعي.

«الأيام» زارت المدينة السكنية واستطلعت أوضاعها وخلصت إلى الآتي.

لمعرفة المزيد عن معاناة هذه المدينة السكنية وسكانها التقت «الأيام» في بدء استطلاعها لأوضاع المدينة رئيس منتدى التنمية والدمج الاجتماعي عبدالغني عقلان الصبري، الذي بدوره تحدث عن بعض مشكلات وهموم أهالي المدينة السكنية بالقول: «تعاني المدينة السكنية للمهمشين من العديد من المشاكل وعلى رأسها مشكلة المجاري، حيث قام البنك الدولي ببناء المدينة وكانت المواسير ضيقة ونتيجة للازدحام السكاني أدى إلى انفجارات في شبكة المجاري، بالإضافة إلى غياب عملية الشفط من قبل الصرف الصحي، وهو ما أدى إلى انتشار البعوض وأمراض الإسهالات والأمراض الجلدية، ومن المشكلات في هذه المدينة السكنية غياب الوعي الصحي والمجتمعي، حيث دائماً ما تجد الأطفال فيها يلعبون وسط المجاري المفتوحة، كما أن خدمة المياه لم تصل إلى هذه المدينة منذ سنوات، وفي حال وصلت سرعان ما تنفجر نتيجة لضعف الشبكة».

وأوضح الصبري قائلا «إننا محرومون من المياه رغم أن لدينا بئرا خاصة تم حفرها من قبل البنك الدولي غير أننا لم نعد نستفيد منها».

الصبري واصل حديثه حول معاناة ساكني هذه المدينة بالقول: «نعاني أيضاً في هذه المدينة السكنية من انتشار ظاهرة التسول بشكل كبير، وذلك نتيجة الفقر المدقع الذي يعاني منه السكان، ولهذا نحن بحاجة إلى معالجة هذه الظاهرة عبر إنشاء مراكز تدريب وتأهيل للنساء في مجالات الخياطة والتطريز والنقش والكوافير وإدارة المشاريع الصغيرة»، مضيفاً، «ومن المشكلات أيضاً أننا إلى الآن لم نتسلم عقود التمليك الخاصة بالبيوت رغم وجودها في المجلس المحلي بمديرية المظفر، أيضاً مشكلة أخرى تتمثل في عدم تسديد الناس الفواتير الخاصة بالكهرباء نتيجة لعدم وجود مركز تحصيل قريب وارتفاع مديونية المدينة، بالإضافة إلى أن لدينا صالة كبيرة متعددة الاغراض لكنها غير مجهزة بالشكل المناسب لتنفيذ فعاليات توعوية واقامة حفلات الأعراس، ولهذا نطالب السلطة المحلية بتجهيز هذه القاعة كما نطالب السلطة المحلية بتنفيذ برامج توعوية للنساء والشباب في مجال الدمج الاجتماعي ورفع الوعي الصحي ودفع الأبناء إلى التعليم والنظافة الشخصية حتى تكون المدينة السكنية نموذجاً يؤدي إلى تشجيع الممولين لتنفيذ مشاريع سكنية أخرى في عموم محافظات الجمهورية».

**معاناة صحية متعددة**


وعن الشأن الصحي في هذه المدينة السكنية تحدثت لـ«الأيام» لطيفة سعيد طه المقطري وهي موظفة بوحدة الوفاء بالقول: «كنا نتحصل على دعم في هذا المجال في الماضي بتوفير علاجات وغيره من قبل منظمة، وحرمنا من هذا الدعم نتيجة لمغادرة هذه المنظمة، الأمر الذي تسبب في خلق عدد من المشكلات لنا تجاه أبناء المدينة السكنية، فضلاً عن أن هناك متعاقدين منذ عشر سنين لم يتم تثبيتهم والاكتفاء بصرف مبلغ عشرة آلاف ريال كل ثلاثة اشهر من اعتماد مكتب الصحة، بالإضافة إلى الحرمان من خدمات منظمة اليونيسف والتي كانت تقدمها كل يوم أحد وذلك بتقديم خدمات الجهاز الخاص بالموجات فوق الصوتية للمواطنين، كما لا يوجد في المختبر الخاص بالمدينة السكنية محاليل مختبرية، وغياب عاملات النظافة والاكتفاء بجهاز منظار واحد، كما أن الوحدة الصحية تحتاج إلى طبيبة نساء وولادة وجهاز موجات وموظفين في المختبر».

**يجب تفعيل التوعية والتثقيف**

تهاني أحمد محمد من جهتها تحدثت لـ«الأيام» عن جانب من المشكلات التي تعاني منها النساء في المدينة السكنية بالقول: «تعد ظاهرة التسول من أكثر الظواهر المنتشرة في اوساط النساء داخل المدينة، لعدم حصولهن على أعمال يدوية تمكنهن من الأكتفاء والابتعاد عن ممارسة التسول، بالإضافة إلى عدم وجود اختصاصيات يين في النساء والولادة، وتدني مستوى التعليم والبطالة وعمالة الأطفال وقلة النظافة البيئية، كما أن مستوى المعيشة متدن جداً وتحتاج النساء إلى توعية وتثقيف في المجالات الصحية والثقافية والسلوكية».

**تهميش وعنصرية**


من جهته قال أحمد غالب دبوان: «لدينا ملعب غير مجهز وهدفه جذب الشباب لممارسة الأنشطة الرياضية لكن لا يوجد اهتمام بالملعب، ولهذا نطالب بتجهيزه لاسيما وأن لدينا العديد من المواهب ورفع حالة التهميش والعنصرية التي تمارس ضدنا، وتتجلى أبرز ملامح التمييز والعنصرية ضدنا في عمل مدرسة خاصة بالمهمشين مع أن المفترض أن يتم الدمج الاجتماعي من خلال مدرسة مشتركة مع بقية الفئات، كما أن المدرسة بنفسها تخلو من المدرسين حيث يغادرونها في تمام الساعة الثامنة والنصف صباحاً، وهو ما يحرم الطلاب من التعليم بشكل صحيح، ولقد شكونا بشكل مستمر غير أن شكاوانا لم يتم الاستجابة لها، لكوننا مهمشين».

**دورات تدريبية**

تُقدم بعض المنظمات المحلية والدولية أنشطة توعوية ودورات تدريب لسكان المدينة السكنية.. الأخ حلمي المليكي رئيس مؤسسة سفير القيم للتنمية الانسانية تحدث عن جانب من هذه الأنشطة بالقول: «إننا نقوم بتنفيذ دورة تدريبية لمدة خمسة أيام في إدارة المشاريع الصغيرة بدعم من الوكالة الالمانية للتعاون الدولي وبرنامج الخليج العربي للتنمية، وذلك لتأهيل القطاع النسائي في مجال تنمية الأعمال لثلاثين مشاركة كما سيتم تنفيذ دورة أخرى لثلاثين مشاركة أخرى».

**أشجان قتلت بطريقة عنصرية**


قبل اسابيع قتلت اشجان حسن البالغة من العمر 17 عاماً من قبل زوجها لأسباب تتعلق بالتمييز الاجتماعي.

«الأيام» زارت حسن غالب محمد والد القتيلة أشجان الذي تحدث عن قصتها بالقول: « دخلت اشجان في قصة حب مع شاب (قبيلي) يدعى (س. س) وتم تهريبها قبل عامين والزواج بها ثم قام بتطليقها وهي حامل وبعد انجابها طفلتين بعملية قيصرية في المستشفى الجمهوري بكلفة 130 الف ريال على حسابي، ظلت عندي أربعة أشهر بعد العملية، ثم قامت يوما بإسعاف طفلتيها إلى المستشفى السويدي، فقام والد الطفلتين بأخذهما خلسة بواسطة دباب إلى محافظة إب ورمى بهن إلى الشارع العام أمام محل حلاقة»، مضيفاً «وجدهن الحلاق وقام بتسليمهن إلى امرأة أخرى لتقوم بتربيتهن».

وتابع والد أشجان «طالبنا بعدها الزوج بالطفلتين فطلب عقد زواج جديدا وذلك لأنهم رفضوا تسليم الطفلتين للأب والأم كونهما منفصلين وتم العقد لهما ورجعت أشجان إلى بيت الزوجية، حينها طالبت زوجها بالطفلتين إلا أنه رفض اعطاءها الطفلتين اللتين كانتا لدى المرأة التي قامت بتربيتهما وفي تاريخ 18/12/2014م اتصل بي الزوج قائلا إن اشجان ماتت وأنها بالمستشفى».

وقال «ذهبت حينها إلى أكثر من مستشفى ولم أجدها ووجدتها في بيت الزوج ميتة، ويعلم الله كم مر عليها منذ توفيت، وأبلغت البحث الجنائي وقسم شرطة النصر بالجريمة وذهبت معهم فقالوا إنها ماتت ميتة طبيعية، وحينما بدأت أغسلها اتضح لي أن ابنتي أشجان لم تمت ميتة طبيعية وإنما قتلت من خلال الاعتداء بالضرب والشنق والعلامات التي على رقبتها وعلى جسدها، فأبلغت البحث الجنائي بعد ذلك بالقضية وتم أخذها إلى مستشفى الثورة، وقمنا بتشريح الجثة واتضح أن فيها كسورا في الرأس والرقبة وعلامات في شتى أجزاء الجسم وكانت مغطاة بواسطة بودرة تبييض حتى يتم تغطية آثار الجريمة وماتزال القضية مفتوحة والزوج في السجن المركزي».


وطالب والد أشجان الجهات المتخصصة بالتحقيق الجاد والاسراع بإحالة القضية إلى الجهات ذات العلاقة ليقوم القضاء بواجبه في تنفيذ حكم الاعدام بالقاتل ليضع حداً لهذه الممارسات العنصرية الخاطئة التي تسيء لسمعة الكل، كما ندعو المنظمات الدولية إلى التدخل وتقديم المساعدات اللازمة، وإعادة الطفلتين الينا لنقوم بكفالتهما بموجب الشرع والقانون».

(صحيفة الايام)