مؤسف جداً

لم أتفاجأ لمضمون البيان الصادر عن اجتماع رئيس الجمهورية ومستشاريه الذي قلب الحقائق عن الوضع في عدن فوصف المعتدى عليهم من المحتجين السلميين بالانقلابيين والمتمردين، ووصف القوات المعتدية التي تسببت في فتنة لا يعلم مساراتها إلا الله بأنها تحمي الأمن وتدافع عن المواطنين. لم أستغرب أن أسمع هذا الكلام، لكنني كنت أتوقع أن أسمعه على لسان أحد الصبية الذين يفوضهم تحالف 1994م للظهور على القنوات الفضائية والإدلاء بهذه التصريحات ، أما أن يصدر الأمر عن مؤسسة رئاسية يفترض أنها مسؤولة عن كل شجرة وثمرة وحيوان في البلد ناهيك عن دماء وأرواح المواطنين الذين خرجوا ليرفعوا مطالب قانونية ومشروعة بوسائل سلمية أجازتها لهم التقاليد اليمنية على مدى أكثر من عشر سنوات بدءً بالحراك الجنوبي السلمي وانتهاءً بالثورة الشبابية السلمية التي صعدت بعبدربه منصور هادي رئيسا لليمن. وبموافقة الرئيس هادي على هذا البيان الصادر عن اجتماع عقد برئاسته يتبين أن هادي لم يعد من الممكن أن يكون طرفا معتدلا بين المتنازعين والمختلفين كما يفترض به أن يكون، في بلدٍ تتعدد أقطابه السياسية وتتصادم فيه التوجهات الفكرية وتتفاوت فيه المنازع والمصالح المادية والمعنوية وتتداخل فيه الأجندات والأهداف الاستراتيجية والوسائل التكتيكية، وأن الرجل قد حسم أمره واختار العودة إلى تحالفه القديم (تحالف 1994م) الذي غزا الجنوب وألحق به ما ألحق من دمار وخراب وظلم واستبعاد وتهميش واستبداد، ويحلم اليوم بالعودة بنفس الصيغة ونفس التركيب بعد أن التحق بهم أنصار المخلوع الذي سموه شهيدا وسموا أصحابه نازحين. مؤسف جداً أن يفتخر رئيس الجمهورية بالجرائم التي ارتكبت أمس واليوم في عدن من قبل حراسته وأن يسمي تلك الأعمال الإجرامية بالبطولية، وأن يسمي مواطنيه الذين أنقذوا اسمه ودحروا خصومه وأرجعوه إلى عدن معززاً مكرماً متمردين وأن يعتبر الفعاليات السلمية (التي صعد عليها إلى كرسي الرئاسة) انقلابا. لكن المؤسف جدا جدا أن يخسر رئيس الجمهورية آخر موقع كان هناك رهان على أنه يحظى فيه بالاحترام هو عدن والجنوب، أما المحيطين بالرئيس والمحاصرين له في حله وترحاله، فهو يعلم أنهم ليسوا سوى أصحاب المصالح المستثمرين في نصرتهم له والذين صاروا ملتيمليارديرات بفضل نصرتهم له وسيتخلون عنه بمجرد شعورهم بتراجع مكانته كما فعلوا في العام 2014 عندما تعرض للانقلاب الحوفاشي . (وَعَسَى أَنْ تَكْرَهُوا شَيْئَاً وَهُوَ خَيْرٌ لَكُمْ وَعَسَى أَنْ تُحِبُّوا شَيْئَاً وَهُوَ شَرٌّ لَكُمْ وَاللهُ يَعْلَمُ وَأَنْتُمْ لَا تَعْلَمُونَ) صدق الله العظيم .

مقالات الكاتب