ضحايا mbc... محمد عسّاف وجمهور لندن وفلسطين

لندن ــ العربي الجديد


في أمسية لندنية دافئة انتظر جمهور غفير من العرب، وغيرهم من سكّان مدينة الضباب، خارج صالة "ويستمنستر"، المطرب العربي محمد عسّاف. انتظروا في طابور لا تكاد مقدّمته تنتهي داخل المبنى، حتّى يتناولهم طابور ثانٍ أمام طاولة فحص بطاقات الدخول، ثم يقذفهم إلى طابور ثالث على باب المسرح، ليلتحقوا بطابور رابع يرميهم في نهاية المشوار على مقعد غير مريح. لم تكن رحلة العذاب هذه تستحقّ كلّ هذه المشقّة، لو لم يكن الجمهور الحاشد على علم أنّه على موعد اللقاء الأوّل مع محبوب العرب محمّد عسّاف، الذي حطّ للمرّة الأولى في لندن، منذ بداية مشواره نحو النجومية. غير أنّ الأمسية التي انتظرها الحضور طويلا بدأت تسقط في مهاوي سوء التنظيم، وكوابيس الفوضى منذ اللحظات الأولى.

تأخّر لقاء محبوب العرب الشاب مع عشّاقه أكثر من ساعة. ثم كانت الكارثة الأكبر عندما صدح صوت "الصاروخ" على حدّ تعبير الفنان راغب علامة، فلم يسمع الجمهور إلا ضوضاء أو صدى صوت يتردّد من مكبّرات صوت ملوّثة للآذان.

حاولت الموهبة العربية الشابة هديل، التي شاركت عسّاف الأمسية، بصوتها وكلمات أغنياتها العربية والإنجليزية، تجاوز ارتباك منظّمي الحفل، والتخفيف من وطأة سوء إدارتهم للأمسية. ففرشت، بصوتها الشادي وبراءه طلّتها، بساطًا مبهجاً يخطو عبره عسّاف نحو جمهوره. فكان أن بعثر سوء التنظيم "بساط هديل" وجنى على صوتها الملائكي بلا رحمة.

مع ضجيج الموسيقى دخل عسّاف إلى المسرح، وقد أدرك منذ الطلّة الأولى أنّ الاستعدادات التقنية التي وفّرها منظّمو الحفل ليست على المستوى المطلوب. فسارع، بحسّ الفنان المرهف، وأخلاقه الرفيعة، إلى الترحيب بالحضور وشكرهم على تحمّل عناء الانتظار الطويل، راجياً لهم قضاء أمسية ممتعة.

عانى عسّاف من سوء أجهزة الصوت، فبدا كأنّه يغنّي في "سطل" أو بئر بلا قاع، وعانى الجمهور من موسيقى كانت أقرب إلى الضجيج. وعانى أكثر من اشترى بطاقات ذهبية باهظة الثمن، فلا سمع ولا أكل ولا شرب. وعانى الجميع في مسرح يشبه كهفاً مهجوراً. 

واللافت أيضاً أنّ منظّمي الحفل استغلّوا اسم الفنان محمد عسّاف، وأصله الفلسطيني، ليعلنوا أنّهم سيتبرّعون بجزء من ريع الحفل لصالح مؤسسة "العون الطبي الفلسطيني" في بريطانيا. ثم فوجئ الجميع بأنّ المنظّمين أضافوا ما سيتمّ التبرّع به إلى سعر التذاكر، وبالتالي كان التبرّع فعلياً من حساب الجمهور، وليس من دخل الحفل.

خذل منظمو الحفل "هديل" و"أهانوا" عسّاف، وأساؤوا إلى الجمهور، وقبل هذا وبعده استغلّوا اسم فلسطين لتحقيق الربح. ومع كلّ هذا فإنّ العتب الأكبر واللوم الأعظم يوجه إلى mbc، المسؤولة عن رعاية وحماية "محبوب العرب" وفلسطين من استغلال تجّار الفنّ ومقاولي الحفلات.

أخطأت mbc عندما تركت نجمها المتألّق، و"محبوب العرب"، ضحية متعهّدي حفلات لا يقيمون قدراً لفنّ أو فنّان، ولا يحترمون جمهوراً أو محبّين، ولا يميّزون بين فنّان ملتزم وبين مطربي النوادي الليلية، ولا يعرفون من فلسطين إلا ما يحقّق لهم حفنة إضافية من الدولارات.

رغم مرارة التجربة، وفشل الظهور الأوّل لمحبوب العرب في لندن، إلا أنّ دماثة خلق محمد عسّاف، وحسن تعامله الشخصي، غمرت الناس وجعلتهم يغفرون له "إخفاقة" كان فيها الفن وعسّاف والجمهور ضحايا الجشع.

وبانتظار عودة قريبة لمحبوب العرب محمد عسّاف إلى لندن، تظلّ المسؤولية على عاتق mbc، المُطالَبَة بإعادة الاعتبار إلى النجم محمد عسّاف أوّلاً، وبالاعتذار إلى الجمهور العربي في لندن ثانياً، لأنّ حماية النجوم أَولَى من صناعتهم، واحترام الجمهور فوق كلّ اعتبار.

-